يستعرض الجزء الثاني من مراجعة كتاب "انهض واقتل أولاً" مراحل استهداف إسرائيل لأشكال ومجموعات مختلفة من المقاومة.
دينا عزت1
بالرغم من استيلاء إسرائيل على كامل الأراضي الفلسطينية وأراضٍ من كل الدول العربية المجاورة عام 1967، وبالرغم من تمكنها بدعم أمريكي واضح ومعلن من تجاوز العثرة العسكرية التي حلت في 1973 مع إقدام الجيش المصري على اقتحام خط بارليف، إلا أن قياداتها ومؤسساتها الأمنية لم تتخلَ عن سياسة الاغتيالات السرية لقادة المقاومة الفلسطينية، بمختلف أطيافهم من اليساريين إلى الإسلاميين. كما استمرت إسرائيل في استهدافهم حتى بعد آب/أغسطس 1982، حين أُجبر ياسر عرفات، أحد مؤسسي حركة فتح ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، على مغادرة لبنان بعد اجتياح إسرائيل لبيروت في حزيران/ يونيو من العام ذاته. وامتد هذا الاستهداف ليشمل لاحقًا قادة المقاومة اللبنانية الشيعية الناشئة في جنوب لبنان "حزب الله."
ياسر عرفات مغادراً بيروت. التقط هذه الصورة قناص من وحدة الكوماندوز التابعة لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، ونقلها مناحيم بيغن إلى الوسيط الأميركي فيليب حبيب لإثبات أن إسرائيل كان بوسعها قتل عرفات لو أرادت ذلك.2
بالرغم من فوز إسرائيل بالسلام مع مصر، أكبر وألد أعدائها، في مارس 1979، إلا أن ذلك تزامن مع خسارة حليف قديم وهو إيران. وذلك في أعقاب ثورة الخميني التي أطاحت بحكم الشاه محمد رضا بهلوي، رغم ما تلقاه الأخير من تنبيهات واضحة ومحددة من السفارة الإسرائيلية في العاصمة الإيرانية حول اقتراب لحظة الانفجار، وفقًا لرونين بيرغمان في كتابه "انهض واقتل أولاً: تاريخ إسرائيل السرّي للاغتيالات المستهدفة."
كانت إسرائيل، وفقًا لما يذكر بيرغمان مكررًا في كتابه، تبرر لحلفائها الغربيين، وخاصة الولايات المتحدة، اللجوء إلى عمليات الاغتيال السرية كبديل أنسب لتفادي الحروب، خاصة في الحالة الإيرانية. وعلى عكس النجاح الإسرائيلي في إعاقة منظومة الصواريخ المتطورة التي أراد جمال عبد الناصر أن تمتلكها مصر، والمفاعل النووي العراقي الذي أراد صدام حسين أن يمتلكه العراق – وقصفته إسرائيل في 7 حزيران/ يونيو 1981، لم تحقق إسرائيل - رغم سلسلة العمليات المتوالية التي نفذتها ضد علماء إيرانيين يعملون على المشروع النووي الإيراني النتائج المرجوة. مع ذلك لم تتوقف إسرائيل عن عمليات الاغتيال والاستهداف، التي كانت تُنفذ أحيانًا باقتناع أو على الأقل بموافقة ضمنية من الولايات المتحدة.
يقول بيرغمان إنه، وبدرجات متفاوتة، لم يكن هناك رئيس وزراء إسرائيلي، منذ دافيد بن غوريون وحتى بنيامين نتنياهو، لم يسعَ للحصول على الدعم الأمريكي أو تفادي غضب الولايات المتحدة. ويضيف أنه عندما رفض البيت الأبيض التعاون، تحركت إسرائيل لتجنيد من يحصل على المعلومات السرية الأمريكية ويوفرها لها، ومن ذلك الواقعة الشهيرة لتجنيد اليهودي الأمريكي جوناثان بولارد، المحلل الاستراتيجي في الجيش الأمريكي. ورغم ذلك، فإن كتاب بيرغمان يرصد تغييرًا مهمًا في قدرة حكومة إسرائيل على مناورة واشنطن فيما يتعلق ببعض عمليات الاغتيال السرية.
وبحسب ما يشير إليه الكتاب، فإن عمليات التجسس كانت دائمًا جزءًا رئيسًا من التحضير لهذه الاستهدافات. يستوي في ذلك تجنيد بولارد في الولايات المتحدة الأمريكية أو "تجنيد" دعم استخباراتي من عواصم عربية مقابل مشاركة إسرائيل في اغتيال معارضين لحكام هذه العواصم، أو تجنيد مقربين من القيادات الفلسطينية مقابل أموال وأشكال من الرفاهية. أو حتى استقطاب فصائل راغبة في التعاون مع إسرائيل، مثل الكتائب في لبنان، الذين كانوا يريدون أن تطرد إسرائيل منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، أو الأكراد في شمال العراق، الذين كانوا يعانون الأمرّين من قمع صدام حسين.
منذ نهاية الثمانينيات، ومع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى في كانون الأول/ديسمبر 1987 وحتى عام 2017، عندما انتهى بيرغمان من كتابة، توسعت إسرائيل بشكل كبير في عمليات الاغتيال السرية، وأصبحت تنفذها دون تردد. أحيانًا كانت هذه العمليات تنفذ من قبل الأجهزة الأمنية بالرجوع إلى رؤساء الوزراء، وأحيانًا أخرى دون ذلك، حيث تقوم الأجهزة المعنية والمتنافسة، بمحاولات التستر على هذه العمليات عن بعضها البعض وعن القيادات السياسية.
المقاومة الفلسطينية: من جورج حبش إلى الشيخ ياسين، وما بينهما عرفات
في الفصول الممتدة من الحادي عشر إلى الخامس والعشرين من كتاب "انهض واقتل أولاً"، كان العنوان الأبرز لمرحلة ما بعد حرب أكتوبر 1973 وحتى اتفاقات أوسلو 1993 هو اغتيال كوادر المقاومة الفلسطينية، بدءًا من تلك التابعة لحركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ثم حركتي المقاومة الإسلامية الجهاد وحماس.
وكما كان الحال في قتل العلماء، كذلك كان الأمر في قتل المقاومين وأيضًا السياسيين، فالمبرر الأساسي، حسب ما ثبت في مراحل لاحقة من عمليات الاغتيالات السرية، هو "الدفاع عن أمن إسرائيل." هذا المبدأ، القائم على أساس تلمودي، أشار إليه وزير المالية الإسرائيلي في الثمانينيات موشيه نسيم، من حزب الليكود، عندما ذكّر به رئيس الوزراء العمالي إسحاق رابين، في لحظة تردد حول تنفيذ عملية اغتيال أبو جهاد (خليل الوزير) – الساعد الأيمن لياسر عرفات– في منزله بتونس في نيسان/ أبريل 1988، وذلك من خلال عملية إنزال بري معقدة.
يكتب بيرغمان أن نسيم لم يكن مرتاحًا لتردد رابين حول تفاصيل متعلقة باختراق دولة تونس، التي لم تكن في حالة عداء مباشر مع إسرائيل. وأنه خشي من أن الحسابات المتعددة التي كانت تدور في ذهن رابين حول صورة إسرائيل على الساحة الدولية قد تُعقِّد العملية، خاصة وأنه لن يكون من الصعب على العالم معرفة هوية القاتل دون أن تعترف إسرائيل بذلك. وبالتالي، انتظر نسيم حتى نهاية اجتماع أمني-سياسي رفيع المستوى، ليذهب إلى رابين ويقول له: "أنا وأنت نعلم أنه لا يوجد في العالم كله جيش يتمتع بالأخلاقيات التي يحرص عليها أفراد الجيش الإسرائيلي. ولكن، أنا وأنت نعلم أيضًا أن التلمود يقول لنا: إذا رأيت أحدهم قادمًا ليقتلك، فعليك أن تنهض وتبادر بالقتل."
وبالفعل، اغتيل أبو جهاد برصاص متتالٍ استمر حتى بعد سقوطه على الأرض مضرجًا بالدماء أمام أعين زوجته المذعورة، وفي وجود ابنته في المنزل. أشرف على العملية إيهود باراك، الذي كان يتمتع، بحسب بيرغمان، بكفاءة عالية في عمليات اختراق الدول وتنفيذ الاغتيالات. ويضيف أن باراك لاحظ في أثناء التحضير لاغتيال أبو جهاد أن منزل محمود عباس (أبو مازن)، الذراع الدبلوماسي لعرفات آنذاك، كان قريبًا، فقال في الاجتماع: "إن منزله قريب جدًا، لماذا لا نزوره أيضًا؟"
كان تقدير باراك أن قتل اثنين من قيادات منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة أبو جهاد وأبو مازن، المقربين جدًا من ياسر عرفات، سيكون له تأثير كبير في إضعاف عرفات. وقد كان هناك جدل دائم حول ما إذا كان يمكن أن يكون عرفات أحد الأسماء المدرجة على "الصفحات الحمراء" أم لا، وذلك بسبب البعد السياسي الذي تمكن من إحاطة شخصيته به بعد خطابه الشهير أمام الأمم المتحدة عام 1974.
ياسر عرفات يخاطب الجمعية العامة للأمم المتحدة للمرة الأولى، 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 1974 3
في حديث لاحق مع بيرغمان، قال باراك إن مراجعة المواقف بناءً على ما أصبح مقارنة بما كان ليست واردة في السياسة والأمن، لأن تقديره لدور محمود عباس بعد توليه رئاسة السلطة الفلسطينية خلفًا لعرفات في خريف 2004، وما وصفه بـ"الجهد الجاد" الذي بذله أبو مازن في مكافحة المقاومة الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية، كان شيئًا لم يقدمه عرفات. وينقل بيرغمان عن شمعون بيريز أنه عندما ذهب إلى عرفات ليطلب منه أن يعتقل جهاز الأمن الفلسطيني محمد الضيف، العضو الصاعد في حركة حماس في حينه، أجابه عرفات بجدية "مخادعة": "محمد شو؟".
كانت منظمة التحرير وعملياتها الفدائية ضد الاحتلال الإسرائيلي في النصف الثاني من السبعينيات وخلال الثمانينيات من القرن العشرين هي المنغص الرئيسي للكيان، الذي كان يشعر بارتياح كبير بعد التوصل إلى اتفاقية السلام التي وقّعها مناحم بيجن مع أنور السادات برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في آذار/مارس 1979. ورغم احتلال إسرائيل الكامل للأراضي الفلسطينية في 1967 وأجزاء من أراضي الدول العربية المحيطة، التي كانت تُعرف حينها بدول الطوق، استمرت المقاومة الفلسطينية.
إلى جانب العمليات التي كان أبو جهاد يخطط لها ويشرف على تنفيذها بعد حصوله على "خطوط عريضة من عرفات، الذي لم يكن يتدخل بنفسه في الأسماء أو التفاصيل أو التواريخ"، كانت هناك العمليات التي تقوم بها المقاومة اليسارية المسلحة. وكان الهاجس الرئيسي لإسرائيل في السبعينيات والثمانينيات هو عمليات اختطاف الطائرات التابعة لشركة العال الإسرائيلية أو لشركات طيران أخرى تقل عددًا كبيرًا من الإسرائيليين أو اليهود، وهي العمليات التي كان منفذوها يطالبون فيها بإطلاق سراح فلسطينيين من السجون الإسرائيلية مقابل الإفراج عن الرهائن على متن الطائرة.
كان هناك توافق بين الأجهزة الاستخباراتية المتعددة والجيش الإسرائيلي على ضرورة أن تشمل "الصفحات الحمراء" كل من له صلة، قريبة أو بعيدة، بأي من عمليات المقاومة، بصرف النظر عن مكان تواجده. وتساهلت الأجهزة الإسرائيلية بشكل متزايد في أمرين: القتل العشوائي للأبرياء، سواء كانوا من أقارب المستهدفين أو من غيرهم، والالتزام بما بات يعرف بـ "التوقيع غير الواضح" لإسرائيل، والذي يميز عمليات الاغتيال الإسرائيلية.
عرفات: الأب الروحي المراوغ
كانت أولويات الاغتيالات تُحدد، بحسب ما يشرح بيرغمان، وفقًا للأعلى قدرة على التأثير. ومن هذا المنطلق، كان ياسر عرفات، الذي كان الإسرائيليون وغيرهم حول العالم يرونه الأب الروحي للقضية الفلسطينية ولشعبها، هدفًا استثنائيًا ومعقدًا في الوقت نفسه. رؤساء الوزراء والقيادات الأمنية الإسرائيلية، الذين نصحوا برفع اسمه من "الصفحات الحمراء"، كانوا يدركون جيدًا أن لا أحد يضاهي عرفات في قدرته على التأثير والحشد والتخطيط والمناورة. يقول بيرغمان، نقلًا عن شمعون بيريز: "يبدو من الخارج شخصاً يدعو للسخرية، لكنه في الحقيقة عبقري."
كانت التعقيدات تحيط دائمًا بعرفات، مع إصراره على أن يكون سياسيًا يحمل غصن الزيتون ومقاومًا للاحتلال يحمل البندقية. وكان هناك إدراك بوجود قيادات مستعدة لتولي المسؤولية خلفًا لمن يقتل أو يموت. ولكن، كما يقول بيرغمان نقلًا عن قيادات الموساد، ليست كل القيادات قادرة على الإلهام والحشد. وعرفات كان يتمتع بهذه القدرة الاستثنائية، ولذا استمرت الدعوات للتخلص منه في أوساط الأجهزة الإسرائيلية المعنية بالاغتيالات، حتى بعد توقيع اتفاقية أوسلو في خريف 1993.
كان مسؤولون أمنيون إسرائيليون يكررون في اجتماعاتهم أن قتل عرفات هو شرط أساسي لتحقيق تقدم نحو "إنهاء المشكلة الفلسطينية". لم يكن الأمر يتعلق بدوره كرئيس لمنظمة التحرير أو تغاضيه عن عمليات المقاومة التي تقوم بها منظمتي حماس والجهاد انطلاقًا من غزة، بل لقدرته الاستثنائية في حشد الشعب الفلسطيني بصورة متضامنة خلف قضية واحدة هي: إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
كانت إسرائيل، التي اغتالت العديد من القيادات الفلسطينية مثل الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، وحاولت اغتيال خالد مشعل في الأردن، ترى في عرفات الهدف الأصعب. ولا يعود ذلك إلى صعوبة الوصول إليه، بل بسبب الهوية الوطنية التي يمثلها، والتي تتجاوز الجانب السياسي. لم يكن عرفات أو أي من معاونيه، بحسب مسؤولين تحدثوا إلى بيرغمان، على علاقة مباشرة بالانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت في عام 1987 أو الثانية التي اندلعت في عام 2000. ولم يكن ليعارض أو يوقف أي منهما، بل كان سياسيًا مناورًا يتحرك بين الأطراف المختلفة. وكان يطالب جبريل الرجوب ومحمد دحلان، المكلفين بالأمن في السلطة الفلسطينية، بعدم المبالغة في التعامل مع المقاومة الإسلامية أو غيرها.
يرصد الكتاب تفاصيل دقيقة عن عمليات اغتيال استهدفت قيادات من مختلف الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة فتح والجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية وحماس والجهاد. ويشير إلى تورط إسرائيل في هذه العمليات، لكنه لا يشير صراحةً إلى تورطها بشكل مباشر بالتسبب في موت عرفات، الذي قضى في مستشفى في باريس في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2004، وسط تكهنات عن احتمال وفاته مسمومًا. وتثير هذه التكهنات مقارنة مع قضية اغتيال وديع حداد، أحد مؤسسي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الذي يقول بيرغمان إن إسرائيل تخلصت منه عبر دس أنبوب معجون أسنان مسمم تسبب في موته البطيء.
يؤكد بيرغمان أن المستشفى العسكري الذي كان يُعالج فيه عرفات والذي توفي فيه هو المكان الذي قد يحمل الإجابة حول السبب الحقيقي وراء موته. سواء كان بمرض "الإيدز"، الذي يلمح إليه في أجزاء مختلفة من الكتاب، مشيرًا إلى أنه ربما أصاب عرفات نتيجة "علاقة غير تقليدية" كانت لدى شارون تسجيلات تؤكدها. وكاد رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي كان يسيطر عليه هاجس تصفية عرفات، أن يذيع هذه التسجيلات لتحطيم صورته، لولا نصائح من أقرب مساعديه الذين حذروه من أن هذا التحرك سيفضح "متعاونين" مع إسرائيل في البلد الذي سجلت فيه الأدلة. على أي حال، لا ينفي بيرغمان، بل يلمح بوضوح إلى أن عملية اغتيال إسرائيلية لعرفات قد تكون وقعت بالفعل، خاصة أن من كان يجلس على مقعد رئاسة الوزراء في ذلك الوقت هو شارون، الذي لم يكن معروفًا عنه التردد في تنفيذ الاغتيالات السرية أو غيرها.
حزب الله.. ونصر الله "الأكثر سوادًا من موسوي"
شكل اجتياح لبنان وحصار بيروت، الذي شنته إسرائيل عام 1982 بقيادة شارون، الذي كان آنذاك وزيرًا للدفاع في حكومة مناحيم بيغن، نقطة تحول حاسمة في مسار المقاومة الفلسطينية في جنوب لبنان. تسبب هذا الاجتياح، الذي رافقه تعاون إسرائيلي مع حزب الكتائب اللبنانية (الفالانج)، في ارتكاب مجازر مروعة بحق اللاجئين الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا في أيلول/ سبتمبر من نفس العام.
قبل هذا الاجتياح، نفذت إسرائيل سلسلة من عمليات الاغتيال مستهدفةً قيادات من منظمة التحرير الفلسطينية. من أبرز هذه العمليات "عملية فردان" التي أشرف على تنفيذها وشارك فيها إيهود باراك عام 1973، والتي أسفرت عن اغتيال محمد يوسف النجار، وكمال عدوان، وكمال ناصر. اعتمدت إسرائيل فيها على المواجهة المباشرة، وهو أسلوب أقل تفضيلاً من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي كانت تميل إلى استخدام أساليب الاغتيال عن بُعد، مثل السيارات المفخخة، كما حدث في اغتيال علي حسن سلامة في بيروت عام 1979. نفذت منظومة الاغتيالات الإسرائيلية هذه العملية بالرغم من تحذيرات أمريكية ضدها، نظرًا لأن سلامة كان "القناة السرية" بين وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وعرفات.
مكان إقامة كمال عدوان وجثته بعد عملية الاغتيال.4
كان إخراج منظمة التحرير من جنوب لبنان انتصارًا كبيرًا لإسرائيل، لكنه لم يكن ليُخرج لبنان من دائرة القلق الإسرائيلي، حتى وإن كانت إسرائيل قادرة على الاحتفاظ بعناصر جاسوسية مهمة وموثوقة مثل كلوفيس فرنسيس، الجاسوس المتطوع إيمانًا بالتحالف بين إسرائيل ولبنان، والرافض لأي ارتباط لبناني بالقضية الفلسطينية. ومع ذلك، فإن القلق الإسرائيلي المستمر يعزى بشكل أكبر إلى نشوء حزب الله، حركة المقاومة الإسلامية الشيعية. فقد تلقى معظم أعضائها تدريبهم على أيدي كبار الفدائيين الفلسطينيين من منظمة التحرير أثناء تواجدهم في لبنان.
لا تعد القدرات القتالية لعناصر حزب الله، ولا العقيدة السياسية والدينية الحاكمة للحزب، هي المؤرق الوحيد لأجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية التي لم تكن تفتقر إلى وسائل التصفية. بل إن سبب القلق الأكبر، وفقًا لما يشير إليه كتاب بيرغمان، ارتبط بالصلة الوثيقة بين حزب الله وإيران، الدولة الشيعية الأكبر في الشرق الأوسط والأكثر عداءً لإسرائيل بعد إقصاء مصر من خلال اتفاقية السلام، واستبعاد سوريا في ظل "واقعية" الرئيس السوري حافظ الأسد، الذي أصبح مدركًا، بحسب التقديرات الإسرائيلية، أن فرصه في خوض حرب مباشرة وناجحة ضد إسرائيل انتهت بعد توقيع مصر الاتفاقية، وذلك بعد ست سنوات من حرب أكتوبر التي تشاركت فيها سوريا ومصر الهجوم المباغت على إسرائيل.
عندما قرر شارون اجتياح لبنان وإزاحة منظمة التحرير الفلسطينية وتدمير قدراتها في الجنوب، لم يكن ظهور حزب الله كقوة مقاومة جديدة جزءًا من توقعاته. بل كان شارون، وفقًا لما يذكره بيرغمان، يسعى إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي ليس في لبنان فحسب، بل في منطقة الشرق الأوسط كلها. ويقول بيرغمان إن شارون، عندما بدأ عمليته، أصدر أوامره لجنوده بتدمير الجنوب وكل مكان تتواجد فيه منظمة التحرير الفلسطينية ومخيمات اللاجئين، مطالبًا إياهم بـ"تحطيم كل ما يمكن تحطيمه" و"حرث جنوب لبنان ومساواته بالأرض."
يضيف بيرغمان أن الأمر كان بشعًا لدرجة أن الرئيس الأمريكي آنذاك، رونالد ريغان، انتقد ما يحدث وانفعل على مناحيم بيغن، رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه، بالرغم من العلاقة الطيبة التي كانت تربطهما. ليقول له: "إنكم تتسببون في محرقة [جديدة] في بيروت"، وهو ما رد عليه بيغن بنبرة غاضبة: "لا تعطني دروسًا عن المحرقة، فأنا وأهلي نعلم ما هي المحرقة".
لم يكن التوتر بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، والذي لم تكن هذه المحادثة أول ولا آخر فصوله، هو ما أثار حنق بيغن. فقد أصبح القادة الإسرائيليون في بداية الثمانينيات، كما يبدو من كتاب بيرغمان، أكثر قدرة على التعامل مع ما يزعج واشنطن، بل وفي بعض الأحيان تجاهله. لكن ما أثار غضب بيغن حقًا، هو مقدار المراوغة التي تصرف بها وزير دفاعه شارون، لتنفيذ تحركات على الأرض في لبنان دون الرجوع إلى القيادة السياسية. لم يكن بيغن، ولا شارون ولا أي من القادة الإسرائيليين في ذلك الوقت، يتوقعون أن يبدأ حزب الله بعد سنوات قليلة في جعل إسرائيل هدفًا عسكريًا لنشاطاته المدعومة إيرانيًا وشعبيًا.
بعد أن استقر الأمر للثورة الإسلامية في إيران، قرر الخميني أن الوقت قد حان لتصدير الثورة، واختار أن تكون سوريا ولبنان هما الحليف ونقطة الانطلاق. وبالفعل وقعت اتفاقية تحالف عسكري بين سوريا وإيران في تموز/ يوليو 1982، ثم أرسل الخميني أحد أقرب معاونيه، علي أكبر محتشمي، إلى لبنان لتأسيس نواة داعمة، وكانت تلك البداية الفعلية لحزب الله. كان محتشمي، الذي أصبح لاحقاً سفيرًا لإيران لدى دمشق، أحد أهداف عمليات الاغتيال الإسرائيلية، إذ أُرسل كتاب مفخخ إلى مقر إقامته في العاصمة السورية. يشير بيرغمان إلى أن التخلص من محتشمي لم يكن ليترك أثرًا كبيرًا على أداء ومهام حزب الله، لأن الحزب لم يكن كيانًا يعتمد على شخص واحد، بل كان حركة قوية تتمتع بدعم شعبي واسع وتنظيم مستقر وكفاءات عسكرية دائمة التطوير والتوسع.
في تشرين الثاني/ نوفمبر 1982، نفذ أحد عناصر حزب الله أول عملية انتحارية استهدفت مبنى تابعًا للجيش الإسرائيلي في مدينة صيدا بجنوب لبنان. كانت هذه العملية بداية لسلسلة من العمليات التي نفذها الحزب ضد أهداف إسرائيلية وغربية، ومنها تفجير مباني تئوي القوات متعددة الجنسيات في بيروت عام 1983. وهو ما شكل نقطة تحول ملحوظة في نظرة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لحزب الله.
سعت إسرائيل منذ الثمانينيات لاغتيال العديد من قيادات حزب الله، أبرزهم عماد مغنية الذي لم تتمكن من تصفيته إلا في عام 2008، وذلك في غارة استهدفت موكبه أثناء تواجده في سوريا. كان مغنية، وفقًا لبيرغمان، كابوسًا لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية؛ فهو الرجل العسكري الذي تجاوز انحيازاته المذهبية لينشئ ويؤسس لتعاون مستقر مع حركة الجهاد الإسلامي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما أنه وقف وراء العديد من عمليات حزب الله، دون أن تتمكن إسرائيل من اغتياله بالرغم من المحاولات المتكررة التي بدأت منذ الثمانينيات.
خطاب حسن نصر الله في مراسم تشييع جنازة عماد مغنية.5
ومع تصاعد التهديدات التي شكلها الحزب، استهدفت إسرائيل أيضًا عباس حسين موسوي، رجل الدين الشيعي الذي انتُخب أمينًا عامًا لحزب الله في أيار/ مايو 1991. كان موسوي حاسمًا في تصعيد وتيرة العمليات العسكرية ضد إسرائيل، التي لم تتردد في اغتياله في شباط/ فبراير 1992 باستهداف موكبه. يشير بيرغمان إلى أن التوقعات الاستخباراتية في إسرائيل كانت ترجح تعيين مساعد موسوي المقرب، صبحي الطفيلي، أمينًا عامًا لحزب الله، إلا أن هذا التوقع كان خاطئًا، إذ خلف موسوي "حسن نصر الله". ويضيف بيرغمان أن تصور أجهزة الاستخبارات بأن اغتيال موسوي سيضعف حزب الله اصطدم بتصعيد نصر الله، حيث اتضح أن الأسود له ظلال، ولم يكن موسوي أكثر هذه الظلال سوادًا، لأن نصر الله كان الظل الأكثر سوادًا مقارنة بموسوي.
من بن غوريون إلى نتنياهو
لعل الخط الرئيسي لقصة بيرغمان عن العالم السري للاغتيالات الإسرائيلية هو أن هذه الاغتيالات بدأت بتردد، ثم أصبحت سريعًا عنصرًا فاعلاً لدى الحكومات الإسرائيلية المتتالية، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة، لضمان الردع الإسرائيلي. يقول بيرغمان إن ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، لم يكن مرتاحًا في البداية لفكرة الاغتيالات السرية، وكان يبدي اعتراضًا على كل مقترح بمثل هذه العمليات. ولكن بعد تمكن مساعديه من إقناعه بوجود تهديد حقيقي من فلول النازيين الذين يسعون لتقويض دولة إسرائيل، قرر بن غوريون التماهي مع سياسة الاغتيالات، التي سرعان ما بدت له ضرورية على الأقل من المنظور الأمني. ويشير الكتاب إلى أنه في أعقاب تصفية عدد من الألمان النازيين، أقر بن غوريون عمليات تصفية بحق فلسطينيين (يصفهم الكتاب بـ "العرب") معادين ومقاومين لوجود دولة إسرائيل في أرض فلسطين التاريخية، التي كان بن غوريون والمؤسسون الأوائل يطلقون عليها اسم "أرض إسرائيل".
جاء التحول في موقف بن غوريون من سياسة الاغتيالات قبل إعلان قيام دولة إسرائيل بعد أن أصبحت لديه القناعة بأن هذه السياسة تمهد لإزاحة كل من يعارض إقامة الدولة أو يسعى لإيقاف قيامها. ولم يغير بن غوريون من سياسته هذه بعد إعلان الدولة، إذ كان يرى أن كل من لا يقبل بقيامها هو بالضرورة ساعٍ لإسقاطها، مما يعرض اليهود مرة أخرى للشتات ومواجهة خطر الموت، أفرادًا أو جماعات، كما حدث في المحرقة. وكان هذا المنطق محددًا لكثير من الموافقات التي منحها بن غوريون لتنفيذ عمليات اغتيال سرية. وكان القرار المتخذ في كانون الأول/ ديسمبر 1948 لتصفية رياض الصلح، رئيس وزراء لبنان، أحد أكثر هذه القرارات إقدامًا، رغم انفتاح الصلح على مباحثات سرية مع إسرائيل كان يجريها في باريس مع مبعوث عن موشيه شاريت في ذلك الوقت.
أما جولدا مائير، التي يصفها بيرغمان بأنها كانت دائمًا تلتزم بمعايير أخلاقية لأسباب لا تخلو من "المواقف المبدئية"، فقد امتنعت عن إقرار عمليات الاغتيال التي ستؤدي إلى إراقة دماء أبرياء. مع ذلك، فإن مائير نفسها طورت موقفها عن اقتناع مع "النجاحات" التي حققتها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، خاصة عندما بدأت المقاومة الفلسطينية في تنفيذ عمليات اغتيال، مما اضطر القوات الإسرائيلية في بعض هذه الحالات للتعامل مع المختطفين، وأدى ذلك إلى مقتل إسرائيليين أو يهود، كما حدث في عام 1972 أثناء العملية التي أشرف عليها إيهود باراك، وتعرض خلالها بنيامين نتنياهو، الذي كان لا يزال في ذلك الحين ضابطًا شابًا في الجيش الإسرائيلي، لإصابة طفيفة.
كان شارون الأكثر بعدًا عن التردد، بل وربما الأقرب للمبالغة، في اعتماد عمليات الاغتيالات السرية. إذ لم يتردد في إصدار الأمر بـ"قتل الجميع" عند الرجوع إليه في أمر تنفيذ اغتيال مجموعة من قيادات حماس، أو فيما يتعلق بالرغبة المسيطرة عليه لقتل عرفات، بما في ذلك استعداده لإسقاط طائرة تحمل أبرياء دون وجود تأكيدات حاسمة بأن عرفات سيكون على متنها. وهو ما كان سيحدث لولا تحسب أحد قيادات الاستخبارات الإسرائيلية الذي حدد هوية المسافر على متن الطائرة بأنه فتحي عرفات، أخو عرفات، قبل أن تقدم الطائرات الحربية الإسرائيلية على تنفيذ المهمة.
يذكر بيرغمان في كل فصل من فصول كتابه الخمسة والثلاثين القلق الذي يسود الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والعسكرية عند تحضير وتنفيذ عمليات الاغتيال التي أشار إليها. ويلفت الانتباه إلى مواقف رافضة من قبل بعض القانونيين لبعض هذه العمليات، التي رأوا أنها يمكن أن تصنف بمثابة جرائم حرب. كما يرصد مساعي أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية للحصول على مذكرة قانونية واضحة ومفصلة تؤكد عدم تعرضهم للملاحقة من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
يشير الكتاب أيضًا إلى فشل العديد من محاولات الاغتيال، غالبًا نتيجة أخطاء فنية أو نقص في دقة المعلومات. وقد أدى ذلك، في بعض الحالات، إلى اغتيال أشخاص أبرياء، مثل أحمد بوشيخي، نادل من أصل مغربي في النرويج، بدلاً من الهدف المقصود علي حسن سلامة، بسبب خطأ في تحديد الهوية. وفي حالات أخرى، تحدث أمور استثنائية تعيق عملية الاغتيال، كما حدث في محاولة اغتيال وديع حداد، القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والذي كان كابوسًا متحركًا للأجهزة الأمنية. ففي ربيع عام 1969، أُطلِق صاروخ على مقعده من نافذة المنزل، إلا أن حداد كان قد تحرك من مكانه لحظة إطلاق الصاروخ.
يبين كتاب بيرغمان المنافسة الكبيرة بين الأجهزة الأمنية والقيادات السياسية في التعامل مع ملف الاغتيالات السياسية، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية. وقد دفع هذا التوتر أفرادًا من الأجهزة الأمنية المكلفة باغتيال عماد مغنية إلى تأجيل العملية بسبب وجوده في المكان المقرر للاغتيال بدمشق مع آخرين، رغم أن هؤلاء الآخرين كانوا من كبار المطلوبين إسرائيليًا وأمريكيًا. إلا أن الولايات المتحدة لم توافق على قتل أي شخص آخر غير "موريس" وهو الاسم الذي أطلقه الموساد على مغنية.
إن مواجهة بيرغمان للعديد من التحديات، بما في ذلك محاولات منع نشر الكتاب في إسرائيل، يعد مؤشرًا على حساسية ودقة المعلومات التي يحتويها. ومع ذلك، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كان الكاتب قد أتاح كل ما عرفه أم أن هناك تفاصيل أخرى لم يكشف عنها. ورغم ذلك، يظل كتاب "انهض واقتل أولاً" مرجعًا أساسيًا في فهم العمليات السرية الإسرائيلية، فضلاً عن تحليله للمسارات التي سلكتها القيادات العربية والفلسطينية في التعامل مع إسرائيل والقضية الفلسطينية عبر العقود.
Israel’s Killing Creed in Peace and War
Dina Ezzat
Out of the firmly hidden and safely guarded closet of one of the world’s most secretive organizations, Ronen Bergman, a Pulitzer Prize-winning Israeli investigative journalist, has dragged out accounts and testimonies of over a century of targeted assassinations committed by Israel and the Bar Giora organization, which, founded in 1907, was later absorbed into the Haganah. His book, called Rise and Kill First: The Secret History of Israel’s Targeted Assassinations, is a thriller in its own right, but it is also much more than that. It is an almost unique work on the political and military history of Israel, the last occupying power of modern times, and also on the Palestinian Cause, one of the most extended humanitarian and political crises in the world today that has been dragging on since the early decades of the 20th century.
The title of the book is taken from a Talmudic verse that reads “if you see someone coming to kill you, rise up and kill him first.” This verse is part of the religious ethos that Israel has observed since its establishment in 1948. It is also a justification for killing as an exercise of self-defense, currently allowed under Israeli law. However, Bergman’s choice of title for his book, which won the 2018 National Jewish Book Award in the US in the history category, also comes from a conversation that he says took place during the planning of one of the targeted assassinations he describes. This conversation took place in 1988 between Likud Party member Moshe Nissim, the son of Israel’s leading rabbi at the time, and Yitzhak Rabin, then the Israeli Minister of Defense, at a meeting where a vote was being taken on the killing of Khalil al-Wazir (Abu Jihad) in Tunis. In order to secure enough votes for the killing to take place, Nissim took Rabbin to one side and reminded him of what he said was the “sacred commitment” to kill anyone who was thinking of harming a Jew. At the time, al-Wazir was masterminding PLO operations against Israeli targets. Rabin agreed that Abu Jihad should be killed, which duly took place by gunfire in his house in Tunis in front of his horrified wife.
The level of detailed information that Bergman offers in his book is remarkable, leaving no room to doubt the accounts he shares across the 35 chapters of its over 600 pages. This level of investigation has come from eight years of labor, in which Bergman has accessed thousands of documents and spoken to dozens of sources directly party to the planning and execution of the targeted operations, including Ehud Barak, Israel’s Prime Minister between 1999 and 2001. It is this level of access that prompted attempts by the Israeli security and intelligence agencies to try to block the publication of the book before it came out. In his introduction, Bergman said that the Mossad tried to prohibit some of his sources from talking to him, though “in most cases after they had already spoken to me,” he says. By the time his New York Times best-selling title appeared in 2018, many of the sources who provided Bergman with the insight he gives in the book had died “of natural causes,” as he writes in his introduction.
The book is not just about Israel’s secret targeted killings, which over time have become much less secret, of leading Palestinian political figures, first from the secular resistance movements, including Fatah, the Popular Front for the Liberation of Palestine (PFLP) and the Democratic Front for the Liberation of Palestine (DFLP), and then from the Islamist resistance movements including Hamas in Gaza and Hezbollah in Lebanon. It is also about the earlier killing of British officials running Mandatory Palestine in the early decades of the 20th century who were opposed to allowing Jewish immigration to Palestine above British-designated limits. It describes the killing of Jews obstructing the schemes of Bar Giora, later the Haganah, and the killing of scientists involved in military research programs in the Arab and Muslim countries, especially Egypt, Iraq, and Iran. It also describes the killing of German officials having Nazi Party affiliations and thus considered to have Jewish blood on their hands. At times, as the book shows, the killings came after the targeted individuals agreed to cooperate and provide secret information in the hope of saving their lives.
According to Bergman, the idea of targeted killings emerged in 1907 when Palestine was still part of the Ottoman Empire and about a decade after the appearance of Zionism as a political ideology in 1896, when Theodor Herzl, a Viennese journalist, published his book “The Jewish State.” This was many decades prior to the Holocaust in Europe that was later used as a justification for the targeted killings of former Nazis who were hunted the world over by Israel.
Signature Killings
As the book shows, in their earlier phase, the killings were designed only to eliminate the targeted individuals without harming others, at least as much as possible. However, by the late 1970s, there was much less apprehension about the possibility of harming others, including passers-by who might be killed when a booby-trapped car was blown up by remote control on a Beirut street with the aim of killing a targeted Palestinian, for example. Eventually, group killings were also endorsed. In April 1973, a joint Israeli security and military operation under the supervision of Ehud Barak was carried out in order to kill three leading Palestinian resistance figures, Mohamed Youssef al-Najjar, Kamal Nasser, and Kamal Edwan. A few decades later in 2003, Ahmed Yassin, the founder of Hamas, called a leadership meeting in Gaza that Israel learned about and decided to target by striking the top floor of the building in which it was scheduled to convene. However, nobody died in this targeted killing, since the meeting in fact took place on the ground floor of the building, allowing those present and others to run for their lives.
With the passage of time and the rise of more radical Likud Party leaders like Menachem Begin, Ariel Sharon, and Benjamin Netanyahu, all of whom occupied the post of Israel’s Prime Minister, targeted assassinations became more frequent and more daring. The idea of “low signature” assassinations, in which Israel’s involvement would not be obvious, seemed to retreat in favor of “blue and white signature” assassinations, where it would not bother to disguise its responsibility and where the operations became not just about eliminating an individual or individuals assumed to constitute a threat to Israel but also about deterring others, an idea that became central to Israel’s security and military creed. As Bergman shows, Menachem Begin required little time to deliberate before targeted killings were approved. Ariel Sharon was obsessed with killing PLO Chairman Yasser Arafat to the extent that he nearly had a plane carrying someone who happened to look like Arafat blown up, with this individual turning out to be Arafat’s brother Fatehi. Netanyahu has been anything but hesitant when it has come to targeted killings.
The Israeli argument about carrying out such killings is that they can prevent wider conflicts from taking place. In the 1950s and 1960s, Israel killed scientists from the then East Germany who were assisting then Egyptian President Gamal Abdel-Nasser in building a long-range missile system, arguing that this was necessary in order to defend Israel from an “existential threat” and to avoid further wars with Egypt. Even so, in 1967 Israel attacked Egypt and occupied the Sinai Peninsula. In the early 2000s, the Mossad proposed the killing of Iranian nuclear scientists to stop Tehran, under the rule of Shia clergy who had turned Iran from a close ally of the US under the former Shah to a firm foe, from acquiring nuclear weapons. Netanyahu, who had earlier approved the killing of Iranian scientists, wanted to go further by doing what his predecessor Menachem Begin had done in Iraq in the early 1980s, when he had ordered an attack on an Iraqi nuclear reactor after having killed the Egyptian and Latin American scientists helping the then Iraqi President Saddam Hussein to build a nuclear programme.
Bergman quotes Meir Dagan, the then chief of the Mossad, as saying that Netanyahu was “behaving irresponsibly for his own egoistical reasons” in wanting to strike the Iranian nuclear facilities and make this signature act of Israel sufficiently bold. Dagan was more in favor of a long process of killing all the scientists working for the Iraqi program. But Netanyahu’s more radical approach towards targeted killings was not something unique to him or that only developed over time. Instead, according to Bergman’s book, it was almost always present. In 1931, for example, a group of radicals unhappy with what they considered to be the too restrictive assassination policy of Haganah commander David Ben-Gurion, later Israel’s first Prime Minister, decided to form the Irgun, led in the 1940s by Menachem Begin. Bergman is also far from suggesting that Israeli Labour Party Prime Ministers were not as happy to approve targeted killings as Likud ones. He makes several references to Yitzhak Rabin’s determined focus on killing Wadie Hadad, the mastermind of PFLP operations including several hijackings of planes carrying Israelis and Jews in the 1970s, for example. However, even at moments when Labour, and previously Mapai, were in the driver’s seat, their opponents on the extreme right of Israeli politics were still pushing for a more radical approach, as was the case when Yitzhak Shamir overlooked the directives of David Ben-Gurion and kept him in the dark about some secret assassinations.
Spies and Killers
Bergman’s book, despite the justificatory tone that dominates most, but not all, of its pages, does not suggest that there are doves and hawks in the long-established Israeli policy of targeted assassinations. In fact, he says that in the view of some top Israeli politicians had it not been for these underground operations, the state of Israel “would not have come into being” and might not have survived for long. He shows that each successive Israeli Prime Minister and chief of the Mossad, Aman, or Shen Beit has harnessed every possible tool to secure the elimination of anyone whose name has appeared on Israel’s “Red Pages.” However, with that said, there was also often a high level of cautious decision-making that some, though not all, top Israeli politicians observed, especially when it came to operations that could affect the US, Israel’s most important ally. Even so, it was Menachem Begin who in 1979 ordered the killing of Palestinian politician Ali Hassan Salamah, despite his being aware that the CIA was communicating with Salamah as a secret channel to Yasser Arafat. A few years later during the 1982 Israeli invasion of Lebanon under the supervision of then Israeli Minister of Defense Ariel Sharon, Begin reacted with fury to then US President Ronald Reagan, who told him that Israel was “committing a Holocaust” in Lebanon, in a reference to the massacre of the Palestinians in Sabra and Shatila in September 1982.
A key feature of Bergman’s book is the context it offers to important political and military episodes in the history of the Palestinian-Israeli struggle. This is precisely what it does with the 1982 Israeli invasion of Lebanon, which was designed to eliminate the PLO from the south of Lebanon and, at least as far as Sharon himself was concerned, to eliminate Arafat as well, rightly perceived as the father of the Palestinian cause whose death might lead to irreparable rifts within the Palestinian resistance movement. During the invasion, facilitated by intelligence provided by Lebanese who did not want the Palestinian presence in their country and who willingly offered information designed to assist the Israeli forces, Sharon used Lebanese Phalange forces to carry out the massacres in the Palestinian refugee camps of Sabra and Shatila, which they did readily and ferociously.
Arafat, however, was not killed, and he only died in 2004 in a French military hospital after having suffered from a range of anomalous symptoms. While Bergman suggests that Arafat might have died of AIDS, given information that Israel, particularly Sharon, apparently had about a relationship between the Palestinian leader and one of his bodyguards, he does not exclude the possibility that he might have been poisoned by Israel. The latter had previously resorted to slow-poisoning operations to eliminate its adversaries, including a case in which a close associate of one PFLP leader replaced his toothpaste with a tube provided by Israel that contained poisonous material.
Bergman’s book sheds considerable light on the use Israel has made of intelligence and assistance offered by various “collaborators,” “informants,” and “spies,” mostly Arabs and in some cases Arab Jews or members of other minorities in the Arab countries including Kurds in Iraq. Some of those who assisted Israel in exchange for money did so either to pay off debts or to enjoy a more luxurious lifestyle. Others were recruited through sexual relationships. Not all Israel’s spies were close to political leaders, as Bergman shows. Arab leaders and Arab officials could also take part in spying. Bergman’s book confirms the famous story, the subject of much speculation, that King Mohammed V of Morocco allowed the Mossad to listen in on an Arab summit meeting that he was hosting in exchange for help in eliminating Mehdi Ben Barka, a well-known Moroccan dissident in Paris in 1965.
For Bergman, some things are certain: Israel valued the intelligence its spies offered, paid them generously when it had to, protected their identity, and always hoped they could be saved if caught, unless they were Jews, in which case it would act to save them from the inevitable end itself. In the 1960s, shortly after the Syrian authorities caught and executed Eli Cohen, an Israeli spy who was well-embedded in Damascus, Israel rushed to get help from the Germans to secure the extradition of Wolfgang Lotz, a spy in Cairo when he was caught by the Egyptian authorities.
In Peace and War
The argument that Israel kills out of self-defense is underlined in Bergman’s book. However, it is also repeatedly mentioned that Israel has killed targets both in war time and in peace time and irrespective of peace agreements for as long as it has been able to get away with doing so. One of several examples of this is the Israeli attempt to kill the prominent Hamas figure Khaled Meshaal in Amman in September 1997, a full three years after the signing of the Israeli-Jordanian Peace Treaty between King Hussein and Yitzhak Rabin in 1994. At the time, Bergman notes, Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu decided to instruct his officials to provide the antidote to the poison that the Israeli agents had used to try to kill Meshaal in order to avoid the fury of the Jordanian monarch whose valuable assistance to Israeli officials over the decades could have been undermined.
The book shows that often enough Israel has resorted to killings to end the chances for peace just as it has resorted to peace to end the chances of resistance. In September 1948, Bergman writes, just a few months after the Arab-Israeli War, Yitzhak Shamir ordered the killing of UN Envoy Folke Bernadotte, who was heading to Palestine with a peace proposal that the Arab capitals seemed willing to engage with. Bernadotte was not unaware of the threats hanging over his trip, but he insisted on going nonetheless, arguing that “the UN flag protects us.” Four years before that in the midst of sporadic raids by militant Jews against Arab villages in Palestine, Shamir had ordered the killing of Thomas Wilkinson, a Palestine-based British police officer who was investigating crimes committed by the “Fighters for the Freedom of Israel” group that was considered a terrorist organisation by the British.
It is hard to know how far Israel benefitted from its targeted killing policies. In 1988, during the planning for the killing of Abu Jihad, Ehud Barak suggested that the operation should also include the killing of Mahmoud Abbas (Abou Mazen). But a few decades later, when Abou Mazen took over the leadership of the Palestinian Authority after the death of Arafat, the Israeli security bodies admitted that he was doing better job than his predecessor when it came to quelling militant resistance against Israel and security cooperation with them. In an interview with Bergman for the book, Ehud Barak said that it was hard to assess things in retrospect, but that at the time it seemed reasonable to eliminate Abbas, seen as the diplomatic arm of Arafat who was lobbying support for the Palestinians.
Bergman’s book questions the wisdom and the outcome of some of the killings it describes, including that of Abbas Mussawi, the first Secretary-General of Hezbollah who was killed by Israel in 1992. This did not prove to be good news, given that his successor, Hassan Nasrallah, proved to the Israelis that “black has shades” and that if Mussawi was black, then “Nasrallah was blacker than black.” The book also shows that the intensive targeted assassinations that were ordered by Ariel Sharon to end the suicide bombings carried out by Hamas and Islamic Jihad failed to deliver. It was only when Sharon agreed to suspend the targeted assassinations that the suicide bombings were paused.
It does not seem that Bergman’s book is intended to indict Israel’s policy of secret targeted killings. It seems to be more like an attempt to show the limitations of what this policy has brought for Israel and Israelis and how it could leave Israel in a position of violating international law. He describes several Israeli politicians asking for legal advice on some of the operations from the point of view of international law, for example. While it was first published some six years ago, the book is just as relevant, if not more so, to understanding Israel’s actions today.
Ronen Bergman, Rise and Kill First: The Secret History of Israel’s Targeted Assassinations, New York: Random House, 2018.